فراشة تحت البحر

صورتي
فراشة قلبها من نور..فى عينيها بريق..و روحها بحور..

الخميس، 10 ديسمبر 2009

طريق..



مررت بالمكان صدفة..أو ربما لم تكن صدفة و كانت رغبة فى نفسى لأراه..أظن ذللك لأنى ترددت أكثر من مرة حين وصلت لمفترق الطرق حتى أنى كنت أمشى فى الطريق منها بضع خطوات ثم أعود..و قررت أخيرا الذهاب إلى هناك..مررت بتلك الحجرة التى اعتاد أن يجلس فيها و أنا موقنة أنه غير موجود..فلمحته..و رأنى فدعانى للدخول..كانت المكان مزدحم إلى حد ما بوجود بعض الأشخاص..ربما ليس مزدحما و لكن هذا ما أشعر به حين يكون فى المكان أحد سوانا..

لم أعتد الكلام معه أو توجيه أى حديث جدى فى ما بيننا فى وجود الأخرين..فقط أنتظر و أشاهد ما يقولونه و قد أتدخل من حين لأخر لأظهر اندماجى فى الحديث...و لكنى لا أتوقف عن النظر إليه..حين لا يلاحظ و لا أغفل نظرات يوجهها لى من وراء نظاراته..و أنا أراقب الأخرين متمنية أن يهموا بالخروج رغم أنى لا أجد ما أقوله..

و حين خرجوا..توجهت نظراته واضحة إلى..لا تربكنى نظراته..فأنا أفهمها..نظرة امتزج فيها الدفىء بالحنين..تلك النظرة التى تجمع اليوم بالأمس فتضعهم فى مكان واحد..فى لحظة واحدة..لم نتحدث كثيرا سوى عن بعض الأخبار الغير مهمة..ثم انطلقنا إلى الخارج على غير موعد..

وجدتنى أمشى معه..أحب المشى بجانبه..يعطينى شعور بأن ذلك هو مكانى..خاصة و هو يسبقنى ببضعة خطوات و أنا أحاول أن ألاحقه..لم أكن أعرف إلى أين سنذهب سوى أن لديه موعد ما..مشينا فى أماكن كنا نمشى فيها من قبل..عاودتنا تلك الروح..و لكن لم يتحدث بها أحدنا..فمن الصعب أن تتحدث عن الماضى على أنه حاضر..فكنا نشعر بالماضى..نفس الشعور..و لكن حبسنا فى تلك الدائرة الزمنية الحالية....تبادلنا بعض الكلمات عن الحياة..و الناس..و كل شىء..سوانا..لم نتحدث عن أنفسنا.. مرت فترات من الصمت..فلم أكن قد رأيته منذ فترة..و لكن مع أشخاص (لا يأتون فى حياتك كثيرا) تذوب كل الحواجز الزمنية بينكما بمجرد الالتقاء..أعرف أن ما أفكر فيه هو ما يفكر فيه و إن لم نفصح عنه..كأنه عهد غير منطوق بيننا ألا نتحدث عما مضى..فلا بيننا لوم و لا عتاب..و لا ألم..كل تلك الأشياء تبدو باهتة و تافهة و أقرب إلى الميلودراما المفتعلة.. فى حضوره..لا ينظر إلى و لكن تقول لى روحه أنه لم ينس و لن ينس و إن رأى الجميع ذلك حرى بك أنتِ أنت تعرفى الحقيقة..يقول فى كلامه بعض الأشياء التى لا يفهمها سوانا..أدعى أنى أتكلم عن الموقف و لكنى أعرف و يعرف أن ما يحكيه هى حقائق ينسبها للحياة و لكن أعرف أنا..أنها حياته..لا أتحدث أنا الأخرى..فتلك اللحظة لم تكن إلا بعث للذكريات..أنا و هو..نمشى فى نفس المكان..هو شىء أكبر من أى كلام يقال..فما فائدة إحياء الذكريات إن لم تكن سوف تتكرر!!..و لأصدق نفسى القول فإن بعض الملفات يفضل ألا نغلقها..و تبقى كما هى..

لم يتغير شعورى..لم اشعر بالفقد..كل ما شعرت به هو نفس الراحة حين أراه..غريب أن أشعر بالراحة فى موقف كهذا..شديد التوتر..و هو مازال ينظر لى تلك النظرة..التى تخبرنى أنى مازلت أنا..و أنه معى يكون نفسه..و إن لم يعرف الأخرين ذلك..كان الحوار الصامت بيننا أطول من أى حديث..و أبلغ..أكاد أعد ما قلنا من كلمات..

و حين وصلنا عند المكان الذى علينا أن نفترق فيه..و كان ذلك طبيعيا و ليس حزينا..بل هادئا..ناعما..مضى مبتعدا..ثم التفت إلى و قال : اليوم رائحتك..كرائحة البحر...


http://www.youtube.com/watch?v=plkBohYS6cg&feature=related

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق